UA-85459660-1

Ok

En poursuivant votre navigation sur ce site, vous acceptez l'utilisation de cookies. Ces derniers assurent le bon fonctionnement de nos services. En savoir plus.

Réda-ction... ثم تولى إلى الظل فقال ربِّ إني لما أنزلت إلي من خير فقير - Page 8

  • مسيرتان

     

      

     

    IMG_0309[1].jpg

     

     

     

    مسيرتان

     

     

    على طول المحج الشاطئي للعاصمة القطرية الدوحة، مسيرة العصي البيضاء كما أسموها. مسيرة للعميان الذين نسميهم تأدبا مكفوفين أو تفاؤلا أو تفاديا لذكر المحذور، كما كان العرب قديما يسمون الأعمى أبا بصير، كأن التفوه بالداء قد يجلبه على القائل في قفزة غريبة من اللغة إلى الوجود.

    كانوا يسيرون تحت إشراف وفي حماية جمعيات غير حكومية، الغاية منها التحسيس، في يوم جميل من أيام الله، بهذه الشريحة التي ننسى وجودها رغم دقة وضعها وهشاشته. حاملو العصي البيضاء القطريين كانت تبدو عليهم رغم الإعاقة البليغة بما هي فقدان للبصر، سيماء النظافة، والاعتناء بل والاحتفاء بهم، بحيث أن مرافقيهم كانوا يبدون على شاشة الجزيرة التي أعدت الخبر في حالة تأهب من هنا ومن هناك كي لا يمس أصحاب العصي البيضاء أدنى مكروه، كأن يقتربوا أكثر مما يلزم من الجدار المطل على البحر.

    في المقابل لديناا؟ في المقابل؟ ماذا في المقابل؟ ... لدينا ما كان لِيستحق توأمة بين العاصمة الرباط والدوحة، توأمة : النقيض مرآة لنقيضه...وبضدها تتميز الأشياء. حدث مماثل أو مقابل، منذ سنين ولكن فداحته تجعله ما زال ماثلا أمام عيني، لم يسقط بالتقادم ولم ينل منه النسيان أو الإنساء... مسيرة لمكفوفينا حاملي الشهادات العليا، المنسيين رأسا لأن مَن هم أبصرُ منهم منسيون فكيف بهم هم من باب أولى. هذا أمر مُسَلم به كما يقول المناطقة، وأمر يجب أن نصادر به كما يقول المناطقة، ومسؤولونا من كبار المناطقة، منطق السلطان لا البرهان. حينها نزلت قوات مكافحة الشغب بقوتها تكافح الشغب المكفوف وتستأسد على مثيريه الذين لا يحسنون حتى المشية فضلا عن الركض والفرار أو المراوغة... بأمر ممن؟ وعلى من؟ على ناس ابتلوا بفقد حبات عيونهم. تنزل الهراوات، تتطاير الأحذية البالية، تتناثر اللافتات المتواضعة، يعلو الصراخ التائه، لا تجدي حتى صيحات " عاش الملك " بل تتيه في زحام دواليب الجهاز حين يتحرك مسرعا كي يسكتها لئلا تحرجه، وهاهو المشهد الذي لم أر مثله من قبل. العميان حاملوا الشهادات ينكسر صمودهم المكفوف فيفرون على وجوههم، يتمسكون بتلابيب جلاديهم من حاملي الزرواطات أنفسهم، ظنا منهم أنهم فروا إلى الاتجاه الآخر حيث مَن سيرحمهم من المارة المصدومة المحوقلة وينقذهم من القوة الباطشة العمياء عمى حقيقيا. المشهد أليم أليم جدا، يزيده إيلاما أن على وجوه حاملي الزرواطات كانت ترتسم علامة الاشمئزاز والحنق وشحوب "سلخ" العميان إن لم تكن علامة الإخلاص في تأدية الواجب...وعلى وجوه المارة مرارة الاستسلام وحوقلة على الشفاه...عماذا تتقاضون أجوركم آخر الشهر يا قوم؟ ولكن هل سيغفر لنا معشر المتفرجين؟ حدث هذا في شوارعنا ورأيته تماما كما رأيت المكفوفين في كورنيش الدوحة، توأم عاصمتنا، يسيرون معززين مكرمين...ربما لأنهم تحت سماء أخرى غير سمائنا، سماء كانت تبدو زرقاء جميلة على شاشة الجزيرة.          

     

  • لا تأمرن على اثنين

     

     

    Procession2[1].gif

     

     

     

    عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: بعث النبيُّ صلى الله عليه وسلم المقدادَ بن عمرو على سَرِيَّة، فلما قدِم قال له عليه الصلاة والسلام :

     

    "- أبا مَعبد، كيف وجدتَ الإمارة؟

     

    قال:"- كنتُ أُحْمَلُ وأوضَعُ حتى رأيتُ بأن لي على القوم فضلا "

     

    قال: عليه الصلاة والسلام: " هو ذاك، فخُذ أوْ دَعْ"

     

    قال:"- والذي بعثك بالحق لا أتأمَّر على اثنين أبدا."

     

    حلية الأولياء – أبو نعيم

     

  • أيها الملك

     

      

    rsol3.jpg

     

     

     

    أيها الملك

     

     

    ولما رأى رسولُ الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ ما يُصيب أصحابَه من البلاء وما هو فيه من العافية بمكانهِ من الله عز وجل (كونَه نبيا) وعمِّه أبي طالب (إذ كان في جواره وحمايته) وأنه لا يقدر على أن يمنعهم (يحميهم) قال‏ (لهم):‏

    - لو خرجتم إلى أرض الحبشة فإن فيها ملكًا لا يُظلَم أحد عنده حتى يجعلَ اللهُ لكم فرجًا ومخرجًا مما أنتم فيه‏.

    (...)

    لما رأت قريش أن المهاجرين قد اطمأنوا بالحبشة وأمِنوا، وأن النجاشي قد أحسن صُحبتهم، ائتمروا بينهم (تشاوروا) فبعثوا عمرَو بن العاص وعبد الله بن أبي أمية ومعهما هدية إليه (النجاشي) وإلى أعيان أصحابه، فسارا حتى وصلا الحبشة فحملا إلى النجاشي هديته وإلى أصحابه هداياهم وقالا لهم‏:‏ - إن ناسًا من سفهائنا فارقوا دين قومهم ولم يدخلوا في دين الملك (النجاشي) وجاؤوا بدين مبتدع لا نعرفه نحن ولا أنتم، وقد أرسلـَنا أشراف قومهم إلى الملك ليردهم إليهم، فإذا كلمنا الملك فيهم فأشيروا عليه بأن يرسلهم معنا من غير أن يكلمهم وخافا إن يسمع النجاشي كلام المسلمين أن لا.

    ثم إنهما حضرا عند النجاشي فأعلمَاه ما قد قالاه فأشار أصحابُه بتسليم المسلمين إليهما‏.‏

     

    فغضب (النجاشي) من ذلك وقال‏:‏

    - لا والله لا أسلم قومًا جاوروني ونزلوا بلادي واختاروني على من سواي حتى أدعوَهم وأسألـَهم عما يقول هذان، فإن كانا صادقـَيْن سلمتهم إليهما، وإن كانوا على غير ما يذكر هذان منعتهم وأحسنت جوارهم‏.‏

     

    ثم أرسل النجاشي إلى أصحاب النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ فدعاهم فحضروا وقد أجمعوا على صدقه فيما ساءه وسره وكان المتكلم عنهم جعفر بن أبي طالب‏.‏

     

    فقال لهم النجاشي‏:‏

    - ما هذا الدين الذين فارقتم فيه قومكم ولم تدخلوا في ديني ولا دين أحد من الملل؟

    فقال جعفر‏:‏

    - أيها الملك كنا أهل جاهلية نعبد الأصنام ونأكل الميتة ونأتي الفواحش ونقطع الأرحام ونسيء الجوار ويأكل القوي منا الضعيف حتى بعث الله إلينا رسولًا منا نعرف نسبه وصدقه وأمانته وعفافه، فدعانا لتوحيد الله وأن لا نشرك به شيئًا ونخلع ما كنا نعبد من الأصنام، وأمرَنا بصدق الحديث وأداء الأمانة وصلة الرحم وحسن الجوار والكف عن المحارم والدماء ونهانا عن الفواحش وقول الزور وأكل مال اليتيم وأمرنا بالصلاة والصيام‏...فآمنا به وصدقناه وحرمنا ما حرم علينا وحللنا ما أحل لنا، فتعدى علينا قومُنا فعذبونا وفتنونا عن ديننا ليردونا إلى عبادة الأوثان، فلما قهرونا وظلمونا وحالوا بيننا وبين ديننا خرجنا إلى بلادك... فقال النجاشي‏:‏ هل معك مما جاء به عن الله شيء قال‏:‏ نعم فقرأ عليه سطرًا من كهيعص فبكى النجاشي وأساقفته وقال النجاشي‏:‏ إن هذا والذي جاء به عيسى يخرج من مشكاة واحدة. انطلقا والله لا أسْلِمُهم إليكما أبدًا‏!‏

    فلما خرجا من عنده قال عمرو بن العاص‏:‏ والله لآتينه غدًا يبيد خضراءهم‏.‏

     

    فقال له عبد الله بن أبي أمية وكان أتقى الرجلين‏:‏ - لا تفعل فإن لهم أرحامًا‏.‏

     

    فلما كان الغد قال عمرو للنجاشي‏:‏- إن هؤلاء يقولون في عيسى بن مريم قولًا عظيمًا‏.‏

     

    فأرسل النجاشي فسألهم عن قولهم في المسيح‏.‏

     

    فقال جعفر‏:‏ نقول فيه الذي جاءنا به نبينا‏:‏ هو عبد الله ورسوله وروحه وكلمته ألقاها إلى مريم العذراء البتول‏.‏

     

    فأخذ النجاشي عودًا من الأرض وقال‏:‏ ما عدا عيسى ما قلتَ هذا العود‏.‏

     

    فنخرت بطارقته فقال‏:‏ وإن نخرتم‏.‏

     

    وقال للمسلمين‏:‏ اذهبوا فأنتم آمنون ما أحب أن لي جبلا من ذهب وأنني آذيت رجلا منكم‏.‏

     

    ورد هدية قريش وقال‏:‏ ما أخذ الله الرشوة مني حتى آخذها منكم، ولا أطاع الناس في حتى أطيعهم فيه‏.‏

     

    وأقام المسلمون بخير دار‏.‏

     

     

    *** 

     

    (السيرة النبوية - ابن هشام)