UA-85459660-1

Ok

En poursuivant votre navigation sur ce site, vous acceptez l'utilisation de cookies. Ces derniers assurent le bon fonctionnement de nos services. En savoir plus.

Poésie - Page 3

  • زخة مطر 2

     

     

    الجبل الأخضر.JPG

     

    زخة مطر 2

     

     

    قليلٌ ما يُضحكهم، وإن أضحكهم فالتفِت عن زمام بغلتك لحظةً. لا تخف ضلال الطريق فالبغلة الهادئة هاديةْ.التفِت كي ترى من تحت البرانس التي تقي البرد كما الحر هناك، ويقشعر لتحسُّس حرارتها عقلك قبَيْل جلدك، كي ترى كروشا تهتز تبَعَ القهقهاتِ الدَّرْداءِ. تتحدث لغة، لولا فرار أبيك أصغرَ منك، جراء تهمة بنوم الضحى في البيدر، في زمن الدراس، لولا فراره لكانت لغتك ولغوك الحاضر هناك، الغائب هنا، لكانت لفظك ومعناك وطباقَ غربتك. عد إلى زمامك تقود النحام الوردي لتصل "الجبل الأخضر" النازف، بضربة سيفك الخشبي. سحابة صيف ناصعة تحشو واديه كقطن يتتبع أثر الدم النازف، وعند السفح المسفوح يدع الجدول الأحمر...يجري...يجري...يُصيره الرعاة السقاة لَبِنا مقطوعا بمِقدار، - بمُقدار،- يبني خيمات التراب حصونا لها فِناء تطل منه الأرض على السماء والسماء على الأرض جملةً واحدة. لو دخلته وخطوت فوق كثيفِ عشبٍ وحشائشَ وأنقاضِ حجرة تُغير فيها الحيات جلدها، ليس خوفا بل حياء من نظر مثلِكْ، فاستدِلَّ أن الكبير قد مات في زخة مطر بحزين خبرْ. مشيته المتوترة لم تدع يوما النجم ينبت هناك، ينظر نفسه في مرآة التراب، بل أقطعه مما ترك آباؤه مسجدا فسيحا له وللشجر فيه يسجدانْ...

    أيها الكبير، هذي سلة التين، أمرتني أن آتيك بها من الجِنان، معذرةً على التراب الذي عفرها فقد رمتني من فوق ظهرها الأتان الحرون، وكنت لأبقى هناك منجدلا في طينتي أتلوى من ألم بطن تصلب كظهر سلحفاة، - هل يؤلم السلحفاة ظهرها؟ - لولا زوجة ابن رقية أرْقَتني من جديد على ظهر الدابة الطائعة فجأة بهمس في أذنها، وأجلستني كما ينبغي، لأنني لم أجلس قبلُ كما ينبغي فأسقطني ذلك العرش الدابُّ على أربع ...منذئذ أكره العروش لست لها أهلا وليست لي...

    أيها الكبير هذي سلة العنب التي أمرتني أن آتي بها. في ثنايا عناقيدها المتراكبة المكتنزة، عناكبُ أغناها المكان عن النسج والخيط، يكفيها الظلام الأحمر المستتب بين الحبات المطيرة التي تجاذبَها الحلال والحرام. أعطني كيس الفول والحمص المسلوقين، مزاجُهُما ملح وكمون يفرح بهما لسان كل ذائق... للموت.

    البغلة تستحم في التراب الحار تضمد بمبلغها من العلم خدوشَ سرج العربة الخشن اليومية، وتجفف عرق سَفْرة يومٍ أو بعضِ يوم...السَّفرةُ المائة...السَّفْرة الألف...عليها أميون يَحْكون كالأسفارِ البالية عن "بودو" الإفرنجي، مَن بيته الأسمنتي يطل على خيمات الطين من فوق الرابية، سقفه الآن يرفرف مع الرياح. يئطُّ القضيب الصدئ اليتيم الذي يشده إلى البقايا المنقضة عما قليل مثلَه، ليس الآن الآن، ولكن طوال غِيباتاك المتتالية خلف جدران حجرة الدرس، ألف....باء...جيم...حيث كل حرف لا يقف إلا بسند من حرفين من إخوته، لم لا يقف كل حرف على حرفه، على حافة نفسه؟ خلف جدران حجرة الدرس مبللا بحليب بقرات سمان تأكلهن بقرات عجاف ولا تذكرة ولا تفكرة.

    صار ورديا داكنا ريشك حين ابتل، أيها النحام، وبلغ القر جميع أقاليم مملكة جُسَيْدِكْ...

     

     

    يتبع...

     

  • قصوركم

     

     

     

    Numériser0012.jpg

     

     

     

     

     

    الواحدُ منكم أغلى من غزة ْ،

    وقصوركم، الواحد منها

    أكبر من غزة،

    وحسْبكم أن لونَها لونُ بَزة

    وحولها وخلفها وفوقها

    بَزاتٌ تصُد صواريخ السآمة

    وقذائفَ الضجرْ

    وحول غزة

    بُزاة الموت، وعددُ موتى

    وموتى بلا عددٍ،

    لا تحرك فيكم أخُوة ولا عِزة ْ...

     

    أنتم أولى من عَزة ْ

    بأشعار كـُثيْر...

    في خِبائها ما دَرَت ما يجري

    تنظر جملا حابط الجـِران

    وبَعْرا يُذكي نار ليلها...

    أما ليل غزة،

    فمقرور... أعيروه ثمن ليلة

    لا كلَّ لياليكم الحمراء الجميلةَ

     كجَمال جروح مقهقهة

    على جسد طفل

    شامخ كالأرْزةْ

     

      كلا...غزة

    أولى بأشعار كُثير

    والمحبين

    كَمعشوقة مُعتزة ْ

    يُرَاودها عدو عن نفسها لكنها

     بألحان الشهادة والنصر

    بعد العسر، مُهتزةْ

     

     

     

    رضا

     

  • زخة مطر 1

     

     

     

     

    2468357627_9666df6d9a[1].jpg

     

     

    زخة مطر 1

     

     

    دعه واقفا، لا يريد عرشك، أعرفه جدا، لن يجلس عليه ولو قال: سأفعل... رجله تخدر كلما جلس على وثير الكراسي والأرائك الدنيا... يقف على إحدى رجليه تارة وتارة على الأخرى مرتاحا كطائر نُحام جميل اللون والقد، لا يُضيع توازنه. لو جلس على أربع قوائم كقوائمك لتناثر ريش نفسه أدراج دعة وسكون منذ المقدمة...لا تطعمه، ألا ترى في الحدائق مكتوبا :"رجاء لا تطعموا الحيوانات" جمع حيوان كما قالت العنكبوت...طعامك مميت لصنفه، رغم طيبته ولذاذته المُقعِدة...فقط انظر إليه قبل أن يبسط تورد ريشه إلى أقصى حدوده ويحلق بعيدا، صافا ويقبض، إلى حيث صفصافات ثلاث صارت تتوسط حقلا مذ قسموه وتفرق أصحابه الذين لعبوا في البيادر، ثم لم يلبثوا أن انقضى اللعب... حول الحقل سور صبار ذي آذان كبيرة شائكة غير صاغية.

    الدوري لم يعد قلقا خائفا كما كان...مذ رأى النحام صابرا على جفوة الماء والسماء؛ والحفرة الشائكة أورقت، أوردت، كلما خطت حولها أمي رقية المائتة بعد أربع، خمس، ست أو ستين... مذ رأيتها آخر مرة، مطويا جذعها كالعادة نحو الأسفل كزاوية قائمة لكن راكعة...، لا تعُدَّ، لا تعُدْ، لا تَعِد أن تأكل حلواها في العام القابل...ولا تُعِد خلفها دندنة الطفلة العاقر الخائفة من كبير مات في زخة مطر بحزين خبر...

    بسط جناحه، النحام، على قبة عالية قالت له...دعك واقفا علي، لا أقشعر من انزلاق مخالبك الخفي على تقوس ظهري الأبيض النقي، لأن الأيدي لم تتمسح به بعد... التقِم حجرا مما قذفته السماء يوما، له ثقوب كانت تنظر إلى السماء، تنظر في السماء، لا تنظر إلا السماء، فجف ماؤها حين اختلطت بنبات الأرض مما يأكل الناس وعافته الأنعام العجفاء الصابرة... اجمع شموعا أتاني بها من كل خيمةِ ترابٍ مظلمة، عمائمُ بُنية البياض، سوداء البياض، غارقة في عرق الجبين...عمائم من عرق الجبين أرزت فوق أمهات رؤوس محترقة...ضاع بنوها، هجروها، تبكي دمعا يدور فيها، لا يبرحها، من سقف لبلاط ومن بلاط لسقف كساقية البرتقال غير البرتقالية...تلك الرحم المقفرة...

    دعه واقفا، لا يخشى سرعة الحافلة، حتى لو انكسر بابها أصلحه، إنه حداد، يلحم بلعابه ويديه فقط، حديد الأبواب العصية على الانغلاق والانفتاح...ثم المنكسرة...أين النحام الوردي؟ أين السنام الأبيض الرابض في حقل مَنْ؟....حقلُ من ذاك الذي شيدتم عليه المقبرة؟ حيث اسم لم أظنه يوما ينقش على رقيم رمس طويل صاحبه، لم أظنه يمضي...يقضي... كتلك الرسوم المتحركة الكاذبة التي لا تموت ولو ارتطمت بكل صلب، ولو سقطت من كل شاهق، ولو وجؤوها بكل ماض من سيوف الخشب الأمارة بالسوء. فاكسر سيفك، دق عنقه، اضرب به "الجبل الأخضر" البادي من بعيد ما دمت في بادية...اضربه في غير مقتل كي لا تقتله... كم رافق عينيك فوق الطريق "المنجورة" المنشورة... تحمل إليك ريحُها فيما تحمل أزيز الكهرباء الوليد حديثا، المار كبهلوان من مسقط رؤوس المياه إلى حيث تأخذ زمامَ البغلة... وبغير رخصة سياقة تأخذها إلى حيث هي تأخذك...ما يغني زمامك...هل تعرف أنت مكانك كما تعرف مكانها هي؟ هل تعرف مربضك...دعها تقودك، دعها تأخذك إليك... دع الكبير الذي مات في زخة مطرْ بحزين خبرْ،

    دعه يضحك قليلا مع من أركبهم لتوصلهمْ

    بدرهم وتَرَحّمْ

    على قوم جئت منهمْ

    لا يعرفونك ولا تعرفهم...دعه يضحك... إنه ومن أركب معه، قليلا من الحياة ما يضحكون، وقليلٌ ما يضحكهم...

     

    يتبع...